موئل الصبر والكرامة، تلك البقاع التي احتضنت قلوبًا لم تنكسر رغم قسوة القصف والتهجير الذي حاول اقتلاع أهلها، تنهض اليوم من جديد لتقول للعالم كلّه إن الحياة أقوى من الدمار، وإن العزيمة أمضى من الألم.
من هنا تنطلق المبادرة التي وُلدت من رحم المعاناة، ومن إصرار أبناء هذه الأرض على أن يعيدوا لها نبضها وعافيتها.
هي حملة إنسانية ووطنية في آن، تسعى إلى لملمة ما تبعثر، ورأب الصدع الذي خلّفته الحرب، وفتح أبواب الأمل أمام آلاف العائلات التي تنتظر أن ترى بيوتها عامرةً من جديد، وشوارعها مضاءة، ومدارسها عامرة بضحكات أطفالها.
إننا في «ريفنا يستاهل» لا نعيد بناء الحجر فحسب، بل نعيد بناء الروح.
نعيد الاعتبار للذاكرة التي سكنت الأزقة والحقول.
نعيد الحياة إلى الأماكن التي كانت شاهدة على الصبر والتحدي.
نسعى لإصلاح المنازل المهدّمة حتى يجد الأرامل والأيتام مأوى يليق بكرامتهم.
نؤهّل المدارس كي لا يُحرم طفل من مقعدٍ أو كتاب.
نعيد تجهيز المستشفيات والمراكز الصحية حتى يبقى الطبابة حقًا لا رفاهية.
ننشئ الأفران التي تعيد للناس أبسط حقوقهم في الخبز اليومي.
نُعبّد الطرق ونبني الجسور التي تربط القرى بالمدينة وتربط الناس ببعضهم.
هذه الحملة ليست مجرد مشروع إعمار؛ إنها عهد جديد بين الإنسان وأرضه، بين الماضي والمستقبل، بين الغربة والعودة.
إنها دعوة مفتوحة لكل القلوب الطيبة:
لأبناء الريف الذين لم يغادروه وصمدوا فيه.
لأولئك الذين فرّقتهم الظروف وأخذتهم الدنيا بعيدًا لكن بقيت قلوبهم معلّقةً بتراب هذه الأرض.
لرجال الأعمال والخيرين أن يجعلوا من أموالهم جسورًا للحياة.
للشباب أن يجعلوا من سواعدهم وقودًا للبناء.
وللنساء أن ينسجن بأملهن مستقبلًا مشرقًا لأبنائهن.
نحن نؤمن أن ريف دمشق يستحق أن ينهض من جديد، وأن يفتح ذراعيه للحياة بعد أن أثقله الحزن طويلًا.
نؤمن أن من زرع الصبر في قلوبنا قادر على أن يمنحنا من جديد موسم فرح، وأن هذه الأرض التي عطّرتها دموع الأمهات وضحكات الأطفال تستحق أن تزينها الزهور من جديد.
إن «ريفنا يستاهل» هي وعد وعمل، هي شكر وردّ للجميل، هي قصة وفاء لأرضٍ احتضنتنا ولم تتركنا يومًا.
فلنكن جميعًا جزءًا من هذه القصة، ولنكتب معًا فصلًا جديدًا من الأمل والعطاء، فصلًا تقول فيه ريف دمشق للعالم:
"ها أنا ذا، أنفض الغبار عن كاهلي، وأفتح نوافذي للنور، وأمدّ يدي لكل من يؤمن أن الحياة تستحق أن تُعاش".
يستاهل أن نمنحه قلوبنا، وجهودنا، وأحلامنا، ليستعيد مكانه في قلب الوطن، وليبقى كما كان دائمًا: ريفًا يليق بالحب والحياة.