الرئيسية
اكفل يتيم
عطاؤك دفؤهم 350 ألف هدف في حملة
تاريخ النشر 12-12-2021

كتب خالد نايف صافي: 
"لا أبرح حتى أبلغ"، قالها صالح بِعناد مقدسيّ يُنافس حجارة باب العامود صلابةً، وبدأ رحلتُه نحو هدفه، لم يكن يعلم متى سيصل ولا كم إنسان سيسمع صوته المعبّق بآلام اللاجئين القابعين على كتفيّهِ، يُنهك البردُ أوصالهم بعدما اقتلعَ خيامهم.
افترش طين الشتاء البارد بقليلٍ من الزاد والثياب، في محاكاة لحالِ المشرّدين، ولما اشتد به البرد توسّل أصدقاءه أن يكرموه بغطاءٍ يحميه، ولم يَدُر بِخُلده أنهم بعد نيّف وثلاثين ساعة هم من سيرجونه أن يتوقف رحمةً بحالِه وحبِاله الصوتية.
مضى الوقت بطيئًا وبدأت التنبيهات تطرق أبواب الأصدقاء والمتابعين خَجلى على منصات مواقع التواصل: هل سمعتم الخبر؟
"يا جماعة الخير" صالح زغاري أطلق حملة لدعم اللاجئين في سوريا ولبنان وفلسطين واليمن،  نعم صالح اليوتيوبر المقدسي، ينقل الآن معاناتهم من خيمة في الشارع، واختار أن يطرق أبواب الثلثمائة وخمسين ألف مشترك لقناته على يوتيوب؛ كيما يجمع منهم ومعهم وبهم مبلغ 350 ألف دولار، لتأمين دعم شتوي لـ3,500 عائلة هدّد البرد أركانها، وتكفّلت مؤسسة الخير بإيصال المساعدات لها.
35 ساعة، هو عمر هذه الحملة على الفضاء الرقمي، لكنها ستمتد آلاف السنوات الضوئية زمنًا، بعدما غطت ملايين الكيلومترات أرضًا، في أكثر من 50 دولة حول العالم تردد صداها.
أعلى الزيارات لموقع مؤسسة الخير المخصص للتبرع جاءت من أمريكا بما يزيد عن 2,230 زيارة، وبعدها حلّت فلسطين بأكثر من 1,060 زيارة، ثم تركيا والأردن وألمانيا، وكانت نسبة التبرع مقارنة بالزيارات 52.3% أي أن أكثر من نصف من زاروا الموقع تبرعوا للحملة، ليصل إجمالي عمليات التبرع إلى 3,219 عملية، أي أن متوسط مبلغ التبرع هو 108$ لكل عملية تبرع.
أتعبت الحملةُ ما بعدها من حملات قادمة:
- لأنها لم تكتف بالبث المباشر على يوتيوب لأكثر من 35 ساعة حصدت نحو 350 ألف مشاهدة فحسب، بل انطلقت في بث مباشر متزامن على منصة "انستجرام"، توافد عليه آلاف النشطاء والمتابعين لمتابعة التبرعات حتى آخر دولار وصل في الثلث الأخير من الليل.
- لأنها تصدرت (تريند) تويتر بوسم “#عطاؤك_دفؤهم” في فلسطين ولبنان والأردن والكويت وقطر وعدد من المناطق الأخرى بأكثر من 13,500 تغريدة أصلية.
- لأنها نشرت المقاطع التفاعلية على فيسبوك تؤسس لوعي بحال الذين لا يسألون الناس إلحافًا، وهم أكثر الناس احتياجًا.
- لأنها فتحت مساحات صوتية على تويتر وكلوب هاوس للنقاش مع النخب لاستمزاج آرائهم حول سبل دعم المهمّشين في حواراتهم.
- لأنها أشغلت العالم والناس على "واتساب وتليجرام" برسائل التضامن مع المحتاجين وصور الأطفال في مخيمات اللجوء والشتات.
- لأنها طرقت أبواب المنصات جميعًا، وأسمعت كلّ من به صمم، وصدّرت صوت المكلومين في زمن تعالت فيه أصوات التفاهات، وانبرى الجمهور في متابعة أحداث محلية أو هامشية.
نجحت الحملة لأنها استهدفت جيلين على منصات الإعلام الرقمي، جيل الألفية المراقب بحذر، وجيل التقنية جيل Z المؤثر، ونقلتهما من خانة المتابعة لخانة التأثير، وصنعت منهم في يوم وليلتين أصحاب قرار، بعدما سلطت الضوء على معاناة اللاجئين، وذكرتهم بمسئولياتهم الأخلاقية تجاه الفقراء.
الذين تبرعوا بدولار وخمس دولارات هم من الأطفال وطلاب المدارس والجامعات، الذين نشروا الحملة وتفاعلوا معها ساعة بساعة هم من جيل مفعم بروح التحدي، الآلاف الذين بقوا حتى الساعة 3:05 بعد منتصف الليل يشاهدون البث المباشر لآخر لحظة هم من جيل غاب عن مجتمعه الحقيقي وانخرط في عالمه الرقمي.
نجحت الحملة 350 ألف مرة، لأنها استقطبت الجيل الرقمي وشحنته بجرعة إنسانية عالية، وأعادته لفطرته، وقربته من صوت الثكالى حوله، وعلّمته لماذا عليه أن يتحدث باسمهم، ومتى يرفع صوته احتياجهم، وكيف يضغط على الأزرار بقوة ليبث الدفء في أوصالهم!
نجحت حملة مؤسسة الخير؛ لأنها نقلت التحدي لهذا الجيل، وجعلته سفيرًا للمشردين، وألهمته السبيل كيما تدور حملاته مستقبلاً في فلك الخير ودعم المحتاجين.

تواصل معنـــــا
حقوق النسخ محفوظة لمؤسسة الخير 2024