يسير نحو 16 مليون يمني من أصل 30 مليون نسمة نحو مجاعة محتمة مع دخول النزاع في اليمن عامه السابع، حيث يعاني أكثر من نصف السكان من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي ضمن أكبر أزمة إنسانية في العالم، في ظل احتياج أكثر من 20.7 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية.

و تعتمد اليمن على استيراد جميع المواد الغذائية والسلع الأساسية تقريبًا، فقد أدى انهيار عملتها إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى وانخفاض القوة الشرائية للأسَر، فهناك أكثر من 4 ملايين نازح لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية بحد أدنى، في ظل ضعف استجابة المنظمات الدولية العاملة في البلاد.

و يخشى اليمنيون من صعوبة توفير الخبز على طاولة الطعام في ظل الحديث عن أزمة وشيكة في استيراد القمح، بعد اندلاع الحرب بين روسيا و أوكرانيا اللتان تعتبران أول موردي القمح إلى اليمن والبلدان العربية.

و تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن الأزمة في اليمن دفعت السكان إلى حافة المجاعة وعمقت الفقر ودمرت الاقتصاد، فضلاً عن تسببها في تفشي الأمراض، وتشريد الملايين الذين يعيش الكثيرون منهم الآن في مخيمات غير رسمية.

اليمن وكورونا.. قطاع صحي هش ونقص في الأدوية الطبية

وصل اقتصاد اليمن إلى أعماق جديدة من الانهيار في الوقت الذي تهدد به جائحة كورونا نظام الرعاية الصحية الهش أصلاً بالانهيار الكلي، وتعتبر النساء والأطفال من أكثر الفئات الهشة عرضة للجوع أو المرض.

 و شهدت اليمن موجة ثالثة من إصابات كورونا فقد وصلت الحالات المؤكدة في أغسطس/آب 2021 إلى 8,265، منها 3,252 حالة وفاة مرتبطة بكورونا وفقا لـ"منظمة الصحة العالمية"، لكن الأرقام الحقيقية من المرجح أن تكون أعلى من ذلك بكثير.

وقد تأثرت الاستجابة للجائحة في اليمن بمحدودية أدوات الاختبار ومراكز الرعاية الصحية، بالإضافة إلى النقص الحاد في الإمدادات الطبية ومعدات الوقاية والحماية الشخصية.

ومن جانب آخر يعاني اليمن من نقص خدمات الرعاية الصحية بشكل عام مما أثر بشكل كبير على صحة النساء، حيث تعاني خمسة ملايين امرأة يمنية وفتاة مراهقة في سن الإنجاب من غياب خدمات الصحة الإنجابية بشكل كبير، وقد أفاد "صندوق الأمم المتحدة للسكان" في سبتمبر/أيلول 2021 أن امرأة واحدة في اليمن تموت كل ساعتين أثناء الولادة.

أطفال اليمن ضحايا النزاعات والحروب

يناضل الملايين من النازحين اليمنيين داخليًا بشكل يومي من أجل البقاء على قيد الحياة ، فمن بين  3 إلى 7 ملايين يمني يحتاجون إلى مساعدة في المأوى والمواد غير الغذائية، ويعيش ما يقرب من 2.9 مليون شخص منهم في ظروف قاسية للغاية 75% منهم من النساء والأطفال الذين يواجهون أعلى مستويات سوء التغذية الحاد المسجلة في اليمن منذ تصاعد النزاع في 2015.

وفي ذات السياق أعلنت الأمم المتحدة أن طفلاً واحداً يلقى حتفه في اليمن كل عشر دقائق  لأسباب ممكن تفاديها مثل الجوع والأمراض، كما يعاني 2.3 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، ونحو 400 ألف طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر الموت الوشيك.

نصف الشعب اليمني لا تصله إمدادات مياه صحية

أصبحت اليمن تعيش كارثة إنسانية وبيئية، في بلد يعاني من فقر مزمن وحرب مدمرة، فأصبحت فرص الحصول على المياه الصالحة للشرب معدومة تمامًا، حيث تنفد المياه بسبب الاستغلال المفرط لطبقات المياه الجوفية والتوسع السكاني وتغير المناخ، ليفتقر نصف الشعب اليمني إلى مياه الشرب النقيّة وخدمات الصرف الصحي ( حوالي 15 مليون يمني).

و تعاني شبكات المياه في اليمن من الأضرار الجسيمة وتحتاج إلى الصيانة في العديد من الأماكن، كما لا تغطي  شبكة أنابيب المياه في البلد سوى30% من السكان، فيضطر الملايين من اليمنيين في الكثير من الأحيان للجوء إلى قطع مسافة أميال سيراً على الأقدام لجلب المياه، ويعرضون بذلك أنفسهم لمخاطر مختلفة، بما فيها خطر الاعتداءات.

ويؤدي انعدام عمليات معالجة مياه الصرف الصحي في 86% من المخيمات إلى تفشي الأمراض التي تهدد الصحة العامة، بما في ذلك الكوليرا والإسهال المائي الحاد الذي بدأ ينتشر في تشرين الأول/أكتوبر 2016، في بلد يفتقر فيه ما يقرب من 20 مليون شخص إلى إمكانية الحصول على الرعاية الصحية الأساسية.

و تصل نسبة مخيمات النازحين التي تعاني من عدم توفر میاه صالحة للشرب إلى 37%، بالإضافة لـ57% منها لا تتوفر فیھا میاه مجانیة، وفي العديد من المناطق يضطر السكان إلى استخدام المياه الزراعية لأغراض الشرب والطهي والغسيل، مما يؤدي إلى الإصابة بمشاكل صحية خطيرة.

مليوني طفل في اليمن بلا تعليم

منذ بداية النزاعات في اليمن حُرم ملايين الأطفال اليمنيين من التعليم، حيث يُعد قطاع التعليم من أكبر المتضررين من الحرب اليمنية المتواصلة منذ أكثر من سبع سنوات.

و كان قطاع التعليم يضم أكثر من 4 ملايين طالب، وفق تقديرات غير رسمية، إضافة إلى النسبة الأكبر من موظفي الدولة، ما بين مدرّسين وعاملين في الإدارات التعليمية المركزية وعلى مستوى المحافظات.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" ، حُرم أكثر من مليوني طفل يمني من الالتحاق بمقاعد التعليم بسبب النزاعات المستمرة، كما توقفت 2500 مدرسة عن العمل لنفس السبب، وبات 34% من المدارس تستخدم كأغراض عسكرية أو مراكز لإيواء النازحين، وفي المقابل حُرم أكثر من 84% من الأطفال من حقهم في التعليم بسبب الفقر.

تراجع الدعم الإنساني لإغاثة اليمن

تسبب انهيار قيمة العملة اليمنية وزيادة سعر الوقود وتكاليف النقل بعدم مقدرة الكثيرون من التوجه إلى المستشفيات والعيادات للحصول على الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها، فاضطرت العديد من وكالات الإغاثة إلى خفض المساعدات لعدم قدرتها على الوصول إلى المجتمعات المستهدفة.

و تشمل هذه البرامج الإغاثية الإنسانية مساعدات منقذة للحياة توفر الغذاء والماء والرعاية الصحية، بعد أن كانت تصل إلى حوالي 14 مليون شخص كل شهر بحسب تقديرات الأمم المتحدة، تراجع إلى حوالي عشرة ملايين فقط، بسبب عدم توفر التمويل الكافي للاستجابة الإنسانية في اليمن، مما اُضطر الكثير من المنظمات الإنسانية إلى إلغاء أو تقليص برامج إغاثة مهمة خلال عام 2020.

ختاماً.. لم يواجه اليمن وضعًا مشابهًا لما يشهده الآن من أزمة اقتصادية حادة، وانخفاض في التحويلات المالية من الخارج وتراجع دعم المانحين للمساعدات الإنسانية، ومن هنا تحتاج الملايين من الأسر اليمنية إلى الدعم العاجل في كل المجالات، حيث تتفاقم معاناة اليمنيين كل عام بسبب استمرار النزاعات و تدني الدخل وانخفاض القوة الشرائية وفرص العمل المحدودة، وتنعكس كل تلك الأزمات في عجز ملايين اليمنيين عن توفير الموارد المالية الكافية، ليتفاقم الوضع أكثر بكثير في حالة النازحين المتروكين من دون إغاثة أو مساعدات ملائمة.